السبت، 19 مارس 2016

رواية (مزرعة الحيوان) - جورج أورويل



للوهلة الأولى قد يبدو للقارئ أن هذه الرواية مخصصة للأطفال نظرا لأن أبطالها من الحيوانات .. لكن ما أن تتوغل في أحداثها حتى تجد نفسك وقد فغرت فاك من الذهول، فحيوانات تلك المزرعة يتشابهون إلى حد التطابق التام مع شخصيات واقعنا الذي نعيشه .. بل أجزم أن هذه الرواية تصلح لكل الأزمان ولكل الشعوب التي مرت أو تمر أو ستمر بالثورة وتوابعها بكل مراحلها وبمنتهى الدقة وبنفس التفاصيل والشعارات والشخصيات! .. ولو لم أكن أعرف أن جورج أورويل قد كتب هذه الرواية عام 1945 وأنه توفي بعدها بخمس سنوات عام 1950، لقلت أن هذه الرواية قد كتبت بعد 3 يوليو 2013 !.
فلو حاولنا إسقاط شخصيات الرواية على واقعنا الحالي بعد هذا التاريخ الذي ذكرته، لوجدنا ما يلي:
- ألا يرمز السيد جونز صاحب المزرعة المطرود إلى الرئيس السابق حسني مبارك؟!
- ألا يرمز الخنزير ميجور العجوز إلى كل من نادى أيام حكم مبارك بضرورة الثورة؟!
- ألا يرمز الخنزير نابليون وخنازيره المقربون إلى النظام الحاكم الآن؟!
- ألا يرمز الخنزير سنوبول إلى مرسي وجماعة الإخوان، والذي يلصق به سنوبول وإعلامه دائما أي مصيبة أو تخريب يحدث بالمزرعة؟!
- ألا ترمز الكلاب الشرسة التي تحمي نابليون وحاشيته إلى الشرطة .. والذين يمثلون مصدر تهديد ووسيلة ردع لكل حيوان تسول له نفسه الاعتراض أو حتى مجرد التفكير بشيء من المنطق؟!
- ألا يرمز الخنزير سكويلر إلى أبواق إعلام النظام، والذي يبرر للحيوانات دائما كل قرار وكل تصرف يصدر من نابليون ويشوه سمعة كل من يعارض هذه القرارات، ويلمح مع كل قرار مجحف لنابليون إلى أن ذلك أفضل من عودة النظام القديم؟! .. ألا ترون أن سكويلر يشبه إلى حد مرعب أحمد موسى؟!
- ألا يرمز الغراب موسى إلى رجال الدين الذين يستغلون الدين ويلوون عنق أحكامه لخدمة أغراض السلطة الحاكمة .. وإيهام الحيوانات دائما بأنهم يجب أن يتحملوا الفقر في الدنيا بكل صبر ورضا أملا في الخيرات الذي تنتظرهم خلف جبل الحلوى الذي سيذهبون إليه بعد الموت؟!
- ألا يرمز الحمار بنجامين إلى المواطن العجوز الذي عاصر أكثر من حاكم للمزرعة، ولا يعترض على فساد أو ظلم مهما حدث ويقف دائما موقف المتفرج، ولا يتدخل ولا يبدي رأيه في أي أمر من أمور السياسة إيمانا منه بنظرية ''أن الحمير تحيا لوقت طويل .. إن أحدا منكم لم ير حمارا ميتا''؟!
- ألا يرمز الحصان بوكسر إلى الموظف المخلص الذي يعمل بكل جد وإخلاص وتفان في عمله لتحقيق أغراض ورغبات وشعارات السلطة الحاكمة، ظنا وإيمانا صادقا منه أنه بذلك إنما يخدم الوطن، تطبيقا لنظرية ''سأعمل بجهد أكبر .. نابليون دائما على حق''؟!
- ألا ترمز الخراف إلى عامة الشعب الذين يؤيدون الحاكم على طول الخط أيا كانت قراراته ومهما كانت متضاربة فإنهم يهللون لها ويرددونها في حماس من أعماق قلوبهم؟! .. تذكروا رفضهم في البداية لطرد السيد جونز بحجة أن ''السيد جونز يطعمنا .. فلو ذهب لمتنا جوعا'' .. ثم هتافهم الدائم - بعدما انفرد نابليون بالحكم - لشعار ''الخير في الأقدام الأربعة والسوء في القدمين'' ثم تغييرهم للشعار بين عشية وضحاها لمجرد أن نابليون قد غيره حين راحوا يرددون بنفس الحماس السابق ''أربعة أقدام جيد .. قدمان أفضل''، رغم أن الشعارين متناقضان؟!
- ألا يرمز السيد فريدريك إلى منظمة حماس، ومزرعته المجاورة لمزرعة الحيوان ترمز لقطاع غزة؟!
- ألا يرمز السيد بلكينغتون إلى أمريكا وإسرائيل؟! .. فدائما ما يتم إظهار العداء له في العلن ويتم إيهام الحيوانات بأنه عدو، بينما يتم التقرب إليه في السر ويتم اللعب على طاولته والارتماء في أحضانه كل ليلة؟!

حتى الشعارات أدهشني تطابقها .. ''فلتحيا الطاحونة ولتحيا مزرعة الحيوان'' .. ''جميع الحيوانات متساوية .. لكن بعضها متساو أكثر من الآخر''.

ألا يشبه مشروع بناء الطاحونة مشاريع ''الفناكيش'' التي يروج لها النظام ليل نهار، والتي تستنزف جهد ومال الحيوانات فيما لا طائل ولا فائدة من ورائه إلا خلق أهداف وهمية تلتف حولها الحيوانات لإلهائها وجعلها تحيا على أمل زائف طيلة الوقت؟!

لو ظللت أعدد الرموز بتلك الرواية، فلن تخرج أية شخصية من شخصياتها أو حدث من أحداثها أو جملة من حواراتها عن شخصيات وأحداث وحوارات واقعنا المرير بعد زوال حكم مبارك .. التطابق مرعب ويدل على عبقرية الكاتب تماما كما يدل على غباء الشعوب الثائرة التي تكرر أخطاء الشعوب التي سبقتها في الثورة وتعيد نفس الأخطاء بنفس السيناريو رغم أنها واضحة وضوح الشمس كما عبر عنها جورج أورويل في رائعة كل العصور (مزرعة الحيوان)، والتي بالرغم من وضوحها فإننا نكررها بحذافيرها بمنتهى الإصرار دون زيادة أو نقصان!!.

تفييمي بالدرجات: عشرة من عشرة بلا أدنى تردد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق