الجمعة، 12 سبتمبر 2014

رواية (نادي السيارات) - علاء الأسواني



هذه الرواية هي استمرار لنفس التيمة التي استخدمها علاء الأسواني في روايتيه السابقتين ، والتي لا يريد أن يخرج من شرنقتها ، وهي تيمة الرمز إلى مصر والمجتمع المصري عن طريق المكان ، ففي رواية شيكاغو كانت الجامعة ترمز إلى مصر ، ثم في عمارة يعقوبيان كانت عمارة وسط البلد الشهيرة هي التي ترمز إلى مصر ، وهنا في نادي السيارات كان النادي الملكي هو النموذج المصغر لمصر والعاملين فيه بداية من الكوو ومروراً بمساعده ثم كبار موظفيه الأربعة ، ثم باقي الخدم .. كل هؤلاء كانوا يمثلون نموذجاً مصغراً للمجتمع المصري.
وتستطيع أن تميز بمنتهى السهولة تشريح الأسواني لهذا المجتمع ، فأغلبية الخدم مذعنون مطيعون خانعون خاضعون موافقون على الذل والإهانة مقابل لقمة العيش ، راضون أن يسلب رئيسهم النصيب الأكبر من ريع النادي ما دام سيلقي إليهم في النهاية بالفتات ، وفي المقابل هناك قلة مندسة متمثلة في عبدون وكامل وبحر وقليل من الخدم ثائرون رافضون للظلم والمهانة والتجبر ، ويمكن للقارئ أن يستبدل بكل شخصية بالرواية شخصية تقابلها من واقعنا المعاصر .. وهي الفكرة التي أبدع الأسواني في تحليلها وترميزها في أبطال روايته.
وأتفق مع وليد أن مقدمة الرواية الخاصة بكارل بنز كانت مشوقة واستطاعت أن تجتذبني منذ اللحظة الأولى إلى باقي الرواية ، وأعجبتني عبارة وليد بأن هذه المقدمة هي "مشروع رواية تم بترها مبكراً".
أما بالنسبة لظهور كامل وصالحة للمؤلف في بداية الرواية ثم عدم العودة لهما في نهايتها ، فلا أظن أن الكاتب قد نسي ذلك كما قال وليد ، واعتقادي أن الكاتب قد تعمد ذلك حتى يشحذ فكر القارئ أثناء قراءة الرواية ويعمل عقله في البحث عن المواطن التي كان يمكن تغييرها في مسار القصة وأحداثها .. وقد نجح في ذلك بدليل أنك ظللت متذكراً لهذا المشهد حتى نهاية الرواية.
مما استرعى انتباهي في الرواية أنه رغم كبر حجمها إلا أن الأخطاء الإملائية بها نادرة ولم ألتقط إلا خطأ واحداً فقط ، وهو شيء قلما أقابله في الروايات الحديثة ، وساعدني كثيراً للتركيز في قراءة الرواية.
لي ثلاث ملاحظات سلبية على الرواية :
الأولى ، أن الكاميرا التي أعطاها الأمير شامل لكامل كي يثبتها في قاعة القمار لتصوير الملك ، لا يعقل أن يكون هناك كاميرا بهذه المواصفات في عشرينيات القرن الماضي!!!
والثانية ، فقد أظهر الكاتب أن الملك فؤاد الأول كان سكيراً عربيداً يسهر كل يوم في الملاهي ويدمن القمار ويعاشر النساء ويغرق في الملذات ولا يهتم بشئون البلاد .. وهي كلها ادعاءات لا يوجد عليها دليل ، وتحدث عنها الكاتب كأنها حقائق تاريخية.
أما الثالثة ، فكما أبدع الأسواني في فكرة وحبكة الرواية والتمكن من ربط الأشخاص والأحداث ، فقد أبدع أيضاً في الإغراق في الهوس الجنسي وتخصيص مساحة جبارة مهدرة من الرواية لوصف المشاهد الجنسية الصريحة المبالغ فيها بصورة مقززة غير مبررة ، والتي لو حذفت من الرواية لما أثرت على مسارها أو أحداثها في شيء!!!
ولولا هذه السلبيات الثلاث لقلت أن هذه الرواية من أفضل الروايات التي قرأتها عامة .. لكن الحلو دائماً لا يكتمل .. وهذا ما يجعلني في النهاية أعطيها 7 من 10.