السبت، 20 ديسمبر 2014

رواية (1984) - جورج أورويل



هي رواية تضع الواقع داخل قالب خيالي، أسرني جورج أورويل بسلاسة أسلوبه رغم التعقيد الذي يشوب فكرته .. رواية تشاؤمية لأقصى حد ، عرض فيها أورويل واقع الشعوب الخاضعة للحكم الديكتاتوري ، وحلل ببراعة فكر الحاكم وفكر المحكوم في هذا المجتمع ، بحيث يمكن أن يلجأ أي حاكم مستبد إلى هذه الرواية كمرجع رئيسي في "كيف تحكم شعباً من العبيد دون أن تسقط" .. بينما لم يوجِد حلولاً للشعوب المقهورة ولم يجب على السؤال "كيف تتخلص من الحاكم الطاغية" ، وهو بذلك تسبب لي في حالة من البلبلة الفكرية ، فهل كان أورويل يقصد من روايته الاعتراف بالأمر الواقع والحقيقة المرة بأنه لا سبيل للتخلص من الظلم؟! شعرت بذلك في انجذاب ونستون (رمز الثورة) لأوبراين (رمز السلطة الغاشمة) ، وانتصار أوبراين فعلياً على ونستون بالحجة القوية وبالأسلوب والأفكار المنمقة وعدم استطاعة ونستون مجاراته في ذلك .. فعلى سبيل المثال يقول أوبراين في صفحة 318 لونستون: "لعلك عدت إلى فكرتك القديمة التي مفاداها أن العامة أو العبيد سيثورون علينا ويطيحون بنا من سدة الحكم. أخرج هذه الفكرة من ذهنك تماماً لأن هؤلاء عاجزون عجز الحيوانات، ولأن البشرية هي الحزب نفسه، وما عدا ذلك فهو معدوم الأهمية وخارج نطاقها". ثم وصف الكاتب صفحة 326 و 327 لمشاعر ونستون بعدما بدأ مرحلة الاستشفاء الفكري "لقد خلص إلى أنه لم يعد يستطيع أن يناصب الحزب العداء فضلاً عن أن الحزب على حق دائماً، ولا بد أنه على حق، إذ كيف يعقل أن يكون العقل الجماعي الخالد على خطأ؟ وبأي معايير خارجية يمكن تقييم أحكامه؟ إن لسلامة العقل مقاييس إحصائية، والمسألة برمتها لا تقتضي أكثر من مجرد أن تتعلم التفكير بالطريقة التي يفكرون بها .... ثم راح يكتب بحروف كبيرة غير واضحة: الحرية هي العبودية ... اثنان واثنان يساويان خمسة ... الله هو السلطة ....... وأدرك كم أن الأمر سهل، فلم يكد يستسلم حتى وجد أن كل شيء أصبح مؤاتياً ويأتي من تلقاء ذاته. إن الأمر أشبه بمن يسبح ضد تيار يجرفه إلى الوراء مهما كان قوياً، ثم فجأة قرر تغيير الاتجاه والسباحة مع التيار بدلاً من معاكسته."
ثم ختم الكاتب روايته بالإقرار بالهزيمة عندما قال: "لقد استغرق الأمر من ونستون أربعين سنة حتى فهم معنى الابتسامة التي كان يخفيها الأخ الكبير تحت شاربيه الأسودين وقال في نفسه: أي غشاوة قاسية لم يكن لها داع تلك التي رانت على فهمي، وعلام كان العناد والنأي من جانبي عن هذا الصدر الحنون. وانسالت دمعتان سخيتان على جانبي أنفه. وكان لسان حاله يقول: لكن لا بأس، لا بأس فقد انتهى النضال، وها قد انتصرتُ على نفسي وصرتُ أحب الأخ الكبير." frown emoticon
أرى أن الرواية - عكس ما أشيع عن أنها دعوة للثورة على الظلم - هي دعوة للتشاؤم والاكتئاب والإحباط، وإقرار واقعي بالاستسلام والهزيمة من ''الأخ الكبير وحزبه'' في كل العصور.