الجمعة، 30 يناير 2015

رواية (قواعد العشق الأربعون) - إليف شافاق



ما أجمل أن تجد الصديق الذي تشعر معه بأن كل منكما يُكمل الآخر .. يقوّمك إن أخطأت .. يقوّي عزيمتك إن ثبُطت .. يرشدك للطريق السويّ إن ضَلَلت .. يقرّبك إلى الله إن عصيت .. ينير بصيرتك إن عميت ..
ما أروع أن يكون لك صديقٌ تتقبل منه النصح دون ضِيقٍ أو تبرّمٍ أو كِبر ..
لكن ما بالك لو كان هذا الصديق يبعدك عن محبيك وتابعيك لكي يستحوذ عليك لتكون له وحده من دون الناس؟! ..
ما بالك لو أبعدك عن أقرب الناس إليك – زوجتك وأولادك – لكي تستأنس به ولا تحتاج إلى بشرٍ سواه؟!
ما بالك لو كنت واعظًا للناس ولك محبيك ومريديك ، ثم جاء هذا الصديق ليمنعك عنهم من أجل "الكفر الحلو" – كما أسمته الكاتبة – ومن أجل رقصة "سما" ونغمة ناي؟!
ما بالك لو وضعك هذا الصديق في مواقف تشوّه من صورتك النقية أمام الناس وتنتقص من سمعتك وقدْرِك بينهم ، فيطلب منك أن تبتاع خمرًا، أو أن تقوم بدور شحاذٍ يتسول المال على باب المسجد ، بعد أن كنتَ ذا مكانةٍ بين الناس وسمعةٍ لا يلوثها أو يشينها عيب؟!
ما بالك لو جعلك هذا الصديق تُلقي بكل ما تعلّمت من علوم ومعارف في البحر كي يكون هو مصدر علمك ونبع معرفتك الوحيد؟!
بالله عليكم هل يكون هذا صديقًأ؟!! والله إنه لبئس الصديق وبئس الرفيق.
هذا هو ملخص العلاقة بين شمس التبريزي والرومي كما أظهرتها الكاتبة ، التي وضعت السُم في صورة العسل في مواضع كثيرة من روايتها ، لتغويك إلى فخٍ من المعاني البرّاقة والأفكار الصادمة بأسلوب شيقٍ جذّاب - لا أنكر ما به من إتقانٍ أدبي وحبكة احترافية - جعلتني أكاد أُخدَع في أمواج الصوفية التي تعصف بقوة في أرجاء الرواية حتى لتكاد أن تجد نفسك غارقًا في بحرٍ من "الكفر الحلو".
فقد أرادت الكاتبة أن تُوصِل إلى القارئ بأن الصوفية دينٌ في حد ذاتها لا هو بالإسلام ولا هو بالمسيحية ولا هو باليهودية ..
دينٌ يرتقي بذاته وروحانيته عن كل الأديان ..
دينٌ يسمو بالروح عن تعصبات غيره من الأديان ..
دينُ العشق – كما تقول الكاتبة – الذي يربط قلوب جميع البشر بسلسلة واحدة ..
دينٌ لا يلتزم بقيود المحرمات والمحظورات بحجة أن الله رحيم ولا حدود لرحمته ..
دينٌ يمنع الرجل أن يمنح زوجته أبسط حقوقها المشروعة ، ويعيش كلٌ منهما في جزيرة منعزلة – جسديًا ومعنويًا – بعيدًا عن الآخر ..
دينٌ يشكك في الجنة والنار والصراط والحلال والحرام والثواب والعقاب والحور العين .. بل ويشكك في وجود الشيطان نفسه بصورته المادية ..
دينٌ يعتبر الشريعة والأحكام مركب في محيط الحقيقة وعلى الباحث عن الحقيقة أن يغادر هذا المركب ليغوص في البحر ..
دينٌ يعتبر أن النميمة أعظم عند الله من الزنا وشرب الخمر ..
دينٌ يقول أن الإنسان لكي يصل إلى الكمال فإن ذلك يستلزم وجود الكفر بداخله إلى جانب الإيمان ..
دينٌ يفرّق بين الزوجة وبين زوجها وأولادها ، كي تذهب إلى عشيقٍ صوفي رحالٍ لا يجد غضاضة في أن يهدم أسرة في مقابل الحصول على كفره الحلو ..
أي تخريفٍ وأي تزييفٍ وأي فكرٍ منحرف هذا الذي تدعو إليه الكاتبة؟!!
لا أدري علام الضجة التي نالتها هذه الرواية ، وما الهدف من نشر أفكار تشوّش العقل وتُضلله ، في صورةٍ جذّابة ماكرة ، تعطي انطباعًا بأن هذه الأفكار يجب أن تكون جوهر الدين الوسطي الجميل – أي دين سواء الإسلام أو المسيحية أو اليهودية لا فارق ..
ربما يكون رأيي في الرواية محبِطًا وصادمًا وقاسيًا ، لكن هذه هي رؤيتي لما هو مخفيٌّ بين سطور الرواية ..
تقييمي لها كعمل أدبيّ مجردٌ من الغيرة الدينية 9 من 10 .. وتقييمي الشامل لها لا يتخطى 5 من 10.


قد يكون رأيي في الرواية رجعيًا أو متزمتًا ، وأعلم قبل أن أكتب تقييمي أن هذا سيكون رأي البعض ممن سيعلقون عليه ، لكني لا أملك في الحقيقة ترف النظر بحيادية وبنظرة أدبية محضة إلی عمل روائي يمس معتقدات وثوابت دينية لدي .. لذلك فأنا أنصح من يريد قراءة الرواية أو يريد أن يرشحها لأحد أصدقائه بألا يقرأ الرواية، فإنك إن ضمنت نفسك في تمييز الخبيث من الطيب، فلا أضمن لك نفس النتيجة مع الآخرين .. فلن يضير المرء شيء إن فاته هذا الكفر الحلو ولم يقرأه :)

الثلاثاء، 27 يناير 2015

كتاب (مصر من تاني) - محمود السعدني



بدايةً .. الكتاب ليس كتاب تاريخ .. بل هو تجميع لأحداث ووقائع حدثت في تاريخ مصر منذ عهد عمرو بن العاص وحتی ما قبل 1952 .. يحاول الكاتب محمود السعدني أن يصبغ هذه الأحداث بأسلوبه الساخر المميز والذي يجعل القارئ مستمتعًا دون ملل بقراءة أحداث تاريخية مملة من كثرة تكرار الأفعال وردود الأفعال للمصريين عبر التاريخ .. وذلك في محاولة لإيصال الرسالة التي فهمناها جميعًا ''مافيش فايدة فينا'' .. فتاريخ المصريين يعيد نفسه (من تاني) بنفس الأخطاء والدروس التي لا يتعلم منها إلا حكامنا فقط .. أما نحن فلا نريد أن نتعلم .. والحل من وجهة نظري يكمن في تغيير جذري لعقلية ووعي المواطن المصري .. الحل في محاولة تحرر كل شخص لفكره من تأثير إعلام الحاكم وكرباجه .. الحل في التعليم الحقيقي والوعي الديني الصحيح وليس السطحي الذي يعيش فيه أغلبنا .. الحل قد يكون في قنبلة ذرية تبيدنا جميعا لنبدأ من جديد علی نظافة ..

الخلاصة : لا أمل ما دمنا لا نريد من داخلنا أن نتغير.

وما أعيبه علی الكاتب: انحيازه الواضح لجمال عبد الناصر وعدم رؤية الكاتب بأن ناصر ما هو إلا صنم آخر من ضمن الأصنام الكثيرة التي ذكرها الكاتب نفسه في أكثر من موضع بكتابه.

الاثنين، 26 يناير 2015

قواعد الاحترام الأربعون - القاعدة الأولى

"إن المرء الذي يعتقد بأن لديه جميع الأجوبة هو أكثر الناس جهلاً"
إليف شافاق - قواعد العشق الأربعون

كذلك بالمثل فـ "إن المرء الذي يحكم بالفشل على كل من حوله ، وأنه هو - وفقط - أعلم الناس ، لهو أكثر الناس فشلاً".